100 سنة سينما

بظهور فن السينما في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، اتخذ مسار الفن منعطفا جديدا، إذ تحققت أحلام المفكرين والفلاسفة في منتصف القرن، والذين تنبئوا بظهور صيغة فنية جديدة تحدث تكاملا بين صور الفن المختلفة، وجاء الفن السابع على يد لومير Lumiere ليحقق مقولة فاجنر Wagner ( 1813 - 1883 ) العمل الفني الجامع Gesamtkunstwerk عندما كان يحلم بإنجاز دراماته الموسيقية حيث تتعانق الفنون التشكيلية مع الأدب والموسيقى والشعر والباليه في كيان سمعي بصري واحد، ولم يكن غير السينما حلا لصهر كل الفنون في بوتقة واحدة.
وقد نما ذلك الفن الوليد بسرعة لم يتوقعها أحد بعد الحرب العالمية الثانية وذلك لحاجة الجماهير الماسة لما يعبر عن آلامها بمشاكلها الاجتماعية الملحة، ومن ثم تناولت السينما مختلف الموضوعات من واقعية إلى تاريخية ورومانسية. إلا أن الدور الاجتماعي كان أبرز ما قامت به السينما في تاريخها، فقد تناولت قضايا كثيرة تغطي اهتمامات الطبقات المختلفة، وقامت بعرضها وتفسيرها وتقديم الحلول لها بحيث أصبحت تعبر عن القطاعات العريضة للشعوب. ومع تقدم التكنولوجيا المذهل في العقود الأخيرة. ازداد التنافس بين السينما وأجهزة الاتصال الأخرى.



ولما كان التليفزيون هو المنافس الخطير للسينما، فقد كان عليها أن تدافع عن وجودها كرائدة للصناعة التثقيفية والتوعية للجماهير، فاتخذت مسارا جديدا تضافرت فيه الالكترونيات مع وسائل الإبهار والإبداع فنون بصرية سمعية تواكب عصر الفضاء والمعلوماتية.
ويمكن القول أن اللغة السينمائية الراقية لكبار المخرجين قد أصبحت الآن غذاء ثقافيا ضروريا للجماهير المتعطشة دوما للجديد والتي ترى أحلامها وآلامها معروضة أمامها على الشاشة البيضاء، وما من شك أن الفن السابع يلعب الآن دورا رياديا يتدفق من خلاله وعي الناس، حيث تتحرر جميع الصور الذهنية الموجودة في رأس المخرج لتستقر في ذهن كل منا مثيرة معها قضايا النقاد في عداد المفكرين والفلاسفة ككيروساوا، وبازوليني، وفيسكونتي، وفيتوريو دي سيكا وروسلليني، وكوبولا، وبيرتولوتش، وأخذ مكانه حديثا إلى جانبهم ستيفان سبيلبرج الذي يستخدم أقصى ما تقدمه صناعة السينما من تقنيات إليكترونية مع أفكاره العميقة لتجعل من هذا الفن المتحدث الرسمي بلغة العصر والمبشر بالعصور القادمة.