التحديد الزمني لبداية العصور الوسطى ونظرياته

التحديد الزمني لبداية العصور الوسطى ونظرياته


هي الفترة الزمنية الواقعة مابين القرنين الـ( 5م – 15م )

أ. ( بدأت بسقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية عام 476م ـ وانتهت بفتح القسطنطينية عام 1453م ).

ب. ( ويروى أنها بدأت بانقسام الإمبراطورية الرومانية عام 395م ـ وانتهت باكتشاف العالم الجديد عام 1492م ).


أهم النظريات التي قامت حول بداية العصور الوسطى الأوروبية

النظرية الأولى
وضع بعض المؤرخين عام 284م كنهاية لتاريخ الدولة الرومانية وبداية للعصور الوسطى وهو العام الذي تولى فيه الإمبراطور( دقلديانوس 284 - 305م ) عرش الإمبراطورية، وهناك أكثر من سبب دعا لهذا الاعتبار منها أن( اوغسطس 30ق.م - 14م ) قد وضع أساس القاعدة القائلة بأن الإمبراطور هو أول روماني حر في روما إذا اعتنق مبادئ الملكية الشرقية التي تجعل من الملوك أشخاصا فوق القانون والشعب، ان حكم( دقلديانوس ) يتسم بفظائع كان قد ارتكبها ضد المسيحية والمسيحيين، إذ هدم الكنائس وحرق الكتب المقدسة وبالغ في اضطهاد المسيحيين في جميع أرجاء الإمبراطورية، أما الدواعي الأخرى التي دعت إلى اعتبار بداية حكم( دقلديانوس ) كبداية للتأريخ الوسيط انه يعتبر حدا فاصلا بين زمنين منفصلين تقريبا، إذ كان هذا الرجل أول من فكر في تقسيم الإمبراطورية إلى قسمين احدهما شرقـــي والآخر غربــي ولم يأخذ هذا التقسيم شكله النهائي إلا في عهد قسطنطين الكبير في أوائل القرن الرابع الميلادي، ومع ذلك فإن هذا الانقسام لم يضعف وحدة الإمبراطورية بل كان في الواقع انفصال ظاهري فقط، فقد كانت القوانين والأنظمة الحكومية نفسها والتقاليد الرومانية نفسها معترفاً بها من قبل كلا الحاكمين وفي كلا الدولتين.

النظرية الثانية
يحدد بعض المؤرخين سنة 323م بداية للعصور الوسطى وفي هذا العام اعتلا الإمبراطور قسطنطين الكبير( 305 - 337م ) عرش الإمبراطورية بعد قضائه على خصومه في الشرق والغرب، ومن أهم الأسباب في الأخذ بهذه الطريقة أو النظرية ما يلي:
1. التغيرات الاجتماعية والدينية الهائلة التي حدثت في عهده، إذ انتصرت المسيحية في ذلك الوقت على الوثنية بعد صراع عنيف معها، إذ سمح الإمبراطور قسطنطين بإدخال المسيحية كديانة رسمية للدولة في مرسوم ميلان الشهير سنة 313م الذي أجاز رسميا اعتناق الدين الجديد فأصبحت الكنيسة المسيحية هي كنيسة الدولة والإمبراطور هو الرئيس الأعلى الديني لها.
2. إقدام قسطنطين على خطوة لا تقل عن سابقتها شأناً، وهي تأسيس مدينة القسطنطينية على الضفة الآسيوية للبوسفور عند اتصاله ببحر مرمره تفي بمطالب العصر وحاجياته ولذلك آثار بالغة الأهمية في مجرى التاريخ لان نقل الإمبراطورية من الغرب إلى الشرق معناه تأسيس دولة جديدة استمرت بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية أكثر من عشرة قرون، ونعني بذلك الإمبراطورية الشرقية أو الدولة البيزنطية التي كان مقرها القسطنطينية أو روما الجديدة تميزا لها عن روما الغربية.
3. أن السياسة التي سنها قسطنطين في الإدارة والمال والتشريعات والإصلاحات العسكرية والدينية ساعدت على تدعيم الإمبراطورية الشرقية بينما انحدرت وتهاوت الإمبراطورية الغربية أمام سيل الجرمان البرابرة المتدفقين من الشمال.

النظرية الثالثة
اعتبار سنة 330م بداية العصر الوسيط في أوروبا، لنقل الإمبراطور قسطنطين الأكبر عاصمة الإمبراطورية من روما إلى مدينة بيزنطة ـ فيما يُعرف الآن باسطنبول ـ وغيّر اسم بيزنطة إلى القسطنطينية.

النظرية الرابعة
يحدد البعض سنة 376م كنهاية للتاريخ القديم وبداية للعصر الوسيط على أساس أنها كانت السنة التي تحول فيها أحد عناصر الجرمانية وهو عنصر القوط الغربيين من الوثنية إلى المسيحية على يد أسقف اريوسي اسمه( اولفيلاس )، ويمكن الأخذ بهذا التاريخ كنقطة تحول لمجرى التأريخ العام، فاعتناق القوط الغربيين للمسيحية جعل الأباطرة الشرقيين يسمحون لهم بعبور الدانوب والاستقرار بصفة مؤقتة في جوف الإمبراطورية البيزنطية، وأن القوط عندما نزلوا في الإمبراطورية إنما كانت تدفعهم عناصر أشد بربرية فهم إذ كانت تدفعهم قبائل الــوندال من الشمال وقبائل الهــون.

النظرية الخامسة
يضع المؤرخين المعنيين سنة( 378م ) كبداية للعصر الوسيط وذلك لوقوع معركة مهمة في التاريخ الغربي بين القوط الغربيين وبين جيوش الإمبراطور البيزنطي( فالنس ) بجوار مدينة أدرنة، وقد سميت الموقعة باسم تلك المدينة وفيها ألحق القوط الغربيون هزيمة ساحقة بالجيش البيزنطي، ويعتبر( سولمون كاتز ) من الفريق الذي يؤيد هذه النظرية إذ يقول في كتابه(انهيار روما وبداية العصور الوسطى في أوروبا ) إن روما كانت تقاتل البرابرة على حدود الدانوب والراين، فترة لا تقل عن قرنين من الزمان، كما حاربتهم في تاريخ لاحق في شبه الجزيرة البريطانية، ويستطرد ًقائلا إن البداية الحقيقية للغزوات الجرمانية هي سنة 378م عندما قضى القوط على ثلثي الجيش الروماني في الشرق وعلى الإمبراطور فالنس نفسه في موقعة أدرنة، ولا يجد كاتز معركة مماثلة لها في التاريخ اليوناني والروماني سوى معركة كاناي حيث لقي الرومان هزيمة مريرة في حروبهم ضد هانيبال قبل ذلك التاريخ بستة قرون، ويشير المؤرخ جيبون إلى أن معركة أدرنة نقطة تحول في التاريخ وحداً فاصلاً بين العالمين القديم والوسيط.

النظرية السادسة
يجعل البعض من المؤرخين سنة 395م نقطة تحول إلى التاريخ الوسيط، على أساس أن الإمبراطور ثيودوسبوس الأول قسم في هذه السنة الإمبراطورية الرومانية إلى قسمين منفصلين عن بعضهما تماما، إذ كانت الإمبراطورية تحت حكم ثيودوسبوس لا تزال وحدة واحدة في مجموعها على الرغم من انقسامها انقساما فرعياً إلى فرعين، ولكن ثيودوسبوس قسمها إلى قسمين إحداهما غربي والآخر شرقي وقد أعطى الجزء الشرقي لإبنه اركاديوس والجزء الغربي لإبنه الآخر هونوريوس وأسس لنفسه دولة قائمة بذاتها وهذا يعني بداية دولة جديدة في الشرق في الوقت الذي كانت فيه دولة الغرب في طريقها إلى التدهور والانهيار أمام جحافل الجرمان البرابرة .