المقتطف المصري ملتقى شباب المؤرخين العرب
الصديق العزيز نرجو منك الانضمام إلى أسرتنا، ننتظر تسجيلك
المقتطف المصري ملتقى شباب المؤرخين العرب
الصديق العزيز نرجو منك الانضمام إلى أسرتنا، ننتظر تسجيلك
المقتطف المصري ملتقى شباب المؤرخين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المقتطف المصري ملتقى شباب المؤرخين العرب

نحترم كافة الآراء ولا نقيدها - المقتطف المصري - دعوة لاحترام الرأي الآخر
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
|||::--:Neutral|| ندعوكم مثقفي العرب ومؤرخي أمتنا إلى المساهمة في إثراء منتدى المقتطف المصري بمقالاتكم التاريخية التي بالتأكيد ستزيد من قيمة المنتدى
|||::--:Neutral|| كما ندعوكم للكتابة في مجلة المقتطف المصري الإليكترونية ملتقى شباب المؤرخين العرب
|||::--:Neutral|| تحيات إدارة المقتطف المصري بقضاء وقت ممتع على صفحات منتدانا ويسعدنا استقبال مقترحاتك

 

 الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (مقدمة، مدخل، الفصل1 من القسم1)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف نكادي

يوسف نكادي



الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (مقدمة، مدخل، الفصل1 من القسم1) Empty
مُساهمةموضوع: الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (مقدمة، مدخل، الفصل1 من القسم1)   الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (مقدمة، مدخل، الفصل1 من القسم1) I_icon_minitimeالثلاثاء 19 أكتوبر 2010, 4:54 pm

مقدمة




شكلت ظاهرة الفيودالية أحد أخصب المواضيع التي استأثرت باهتمام الباحثين في مختلف أقطار المعمور منذ القرن الثامن عشر. و لازالت إلى يومنا هذا مثار جدال بين المختصين، سواء فيما يتعلق بحيثيات نشأتها أو فيما يتعلق بمجال انتشارها و مستويات تبلورها هنا و هناك.
و قد انعكست ديناميكية البحث و سيولة التأليف في مختلف جوانب الظاهرة بالإيجاب على المكتبة التاريخية عموما و مكتبة التاريخ الأوربي الوسيط بشكل خاص.حتى أنه أصبح من الصعب - و ربما من المستحيل – على القارئ العادي أو الباحث المختص الإحاطة بجميع ما تم انجازه فيها من أبحاث منغرافية أو دراسات ذات طابع تركيبي أو مقالات أو مداخلات ألقيت في إطار الندوات و الملتقيات العلمية؛ نظرا لكثرة هذه التآليف من جهة و نظرا لاختلاف اللغات التي كتبت بها من جهة أخرى.
و الملاحظ أن ظاهرة الفيودالية تكاد تكون ظاهرة كونية؛ انتشرت كليا أو جزئيا في مختلف أقاليم العالم القديم، و لذلك اهتم الباحثون الغربيون المحدثون و المعاصرون بدراسة مظاهرها في مجالات أوربية طبعا و في مجالات غير أوربية أيضا. و في هذا السياق انبرى عدد منهم لمعالجة بعض تجلياتها في المجال العربي-الإسلامي خلال العصر الوسيط أو خلال الحقبة السابقة على الاستعمار الأوربي. غير أن الباحثين العرب ظلوا، مع الأسف ، بمنأى عن هذه الحركية، باستثناء قلة قليلة منهم اقتحمت غمار هذا الموضوع. ومن ثم، فان ما كتب عن الفيودالية باللغة العربية ،أو ما تم تعريبه من مؤلفات أجنبية تناولتها،لا يمثل سوى نسبة هزيلة جدا. و يبدوهذا الأمرغير مفهوم إذا علما بأن التاريخ الأوربي الوسيط ، الذي تمثل الفيودالية إحدى أبرز قضاياه ،يندرج ضمن برامج ومقررات أقسام التاريخ بالجامعات العربية. و من هذا المنطلق كان من المفروض أن تحضى الفيودالية ( و تاريخ أوربا الوسيط ككل ) باهتمام الجامعيين بحثا و تأليفا.
و رغبة منا في سد جانب من الفراغ الحاصل، ارتأينا و ضع هذا المؤلف رهن إشارة الطلبة و
الباحثين و عموم القراء؛ آملين أن يحضى بالقبول و الله ولي التوفيق.


وجدة في 05 ذي القعدة 1431
الموافق 14 أكتوبر 2010





مدخل



1- خصائص العصر الوسيط ( عصر الفيودالية و النظام الفيودالي )


درج المؤرخون الأوربيون منذ عصر النهضة على تقسيم تاريخ أوربا إلى مجموعة عصور متعاقبة هي : العصر القديم بمرحلتيه اليونانية و الرومانية، و العصر الوسيط ثم العصر الحديث. واتخذوا من بعض الأحداث السياسية-العسكرية الكبرى مفاصل بين عصر و آخر.
و يجمعون في هدا الشأن بأن سنة 476 ميلادية، التي تم فيها وضع حد لسيادة الإمبراطورية الرومانية تمثل نهاية العصر القديم و بداية العصر الوسيط. بينما اعتبروا سنة 1453 ميلادية، تاريخ سيطرة الأتراك العثمانيين على القسطنطينية، نهاية العصر الوسيط و بداية العصر الحديث. ومن ثم، يكون العصر الوسيط قد استغرق حوالي ألف سنة. شهدت خلالها أوربا بوجه عام و مناطقها الغربية بوجه خاص أحداثا متميزة و تطورات متباينة، سواء من حيث الإيقاع أو من حيث المظاهر
تعود مقدمات تلك الأحداث و التطورات إلى الفترة الممتدة بين القرنين الثالث و الخامس. و هي فترة اصطلح على تسميتها بالعصر الإمبراطوري الأسفل. شهدت خلالها الإمبراطورية الرومانية أزمة متعددة المظاهر انتهت بسقوط روما سنة 476 م. على اثر موجة غزو أولى قامت بها شعوب قدمت من شمال أوربا عبر فترات، و استقرت على أطراف الإمبراطورية قبيل بداية الغزو.
و إذا كان ذلك الغزو قد أدى إلى نهاية وجود اﻹمبراطوربة الرومانية، فقد أدى من جهة ثانية إلى الإسراع بوتيرة تلك الأحداث و التطورات. إذ استطاعت تلك الشعوب، المعروفة بالشعوب الجرمانية، أن تسيطر على أقاليم غرب أوربا التي كانت ولايات تابعة للإمبراطورية. و أسست بها كيانات سياسية. فكان ذلك إيذانا ببداية مسلسل التجزئة السياسية و تدهور المؤسسات العمومية.و هو مسلسل استفحلت حلقاته خلال السنوات و القرون التي تلت عمليات الغزو، رغم بعض المحاولات التي رامت العودة بأوربا إلى عهود الوحدة. و قد تمت تلك المحاولات في نطاق محدود و آلت إلى الفشل. و بالتالي، وجب الانتظار حتى أواسط القرن الخامس عشر لتبدأ محاولات الوحدة و لتشرع المؤسسات في التبلور في اطارالدول المركزية الناشئة.
و واكبت مسلسل التجزئة السياسية سلسلة حروب شبه متواصلة داخل أوربا و خارجها (كانت الممالك الأوربية طرفا فيها ) استغرقت العصر الوسيط برمته. حدثت أولاها بين الممالك الجرمانية التي تأسست غداة الغزو. و تلتها حروب خاضها أكبر حكام هاته الممالك، كحروب شارلمان الملك-الإمبراطور في جرمانيا و ايطاليا و اسبانيا. ثم الحروب التي جرت فصولها بمناسبة الموجة الثانية من موجات الغزو التي قام بها هذه المرة السكندنافيون و الهنغاريون. و الحروب بين المسيحيين و المسلمين، و أبرزها الحروب الصليبية في المشرق و حرب الاسترداد في الأندلس. و انتهت سلسلة حروب العصر الوسيط بحرب المائة سنة بين فرنسا و انجلترا اللتان انضمت لهما ممالك أخرى.
و من المفيد أن نذكرفي هذا المقام بأن العصرالوسيط في أوربا هو عصر الفروسية و الفرسان. فقد شكل الفرسان الشريحة السفلى في الأرستقراطية.وكانوا موزعين على شكل فرق(مليشيات ). تعمل كل واحدة منها تحت إمرة أحد أفراد الشريحة العليا في الأرستقراطية .و تربط بين الطرفين روابط خاصة تعرف بالروابط الفيودو- فصلية liens féodo-vassaliques ) les). و قد مثلت هذه الروابط كنه ظاهرة الفيودالية.
و بما أن الحرب كانت اهتمام الفرسان الأول والأخير، فقد كانت الوقائع بين أفراد الأرستقراطيات المحلية أو الجهوية أمرا مألوفا. و قد بلغت الوقائع ذروتها سنة 1337 حين اندلعت حرب المائة سنة المشارإليها آنفا. وكانت تتخلل سلسلة الحروب و الوقائع، أو تسبقها أو تتلوها، حركات اجتماعية- دينية كان يقوم بها الفلاحون. و أبرزها حركات القرنين الحادي عشر و الرابع عشر.
و في جميع الأحوال كان هؤلاء الفلاحون، الذين شكلوا السواد الأعظم في مجتمع أوربا العصر الوسيط ، هم حصاد تلك الحركات و الحروب. كما كانوا في نفس الوقت هم الحطب المغذي للحروب بما يقدمونه من خدمات و ضرائب و مغارم و مكوس لفائدة الأرستقراطية العقارية التي سخر أفرادها كل الوسائل القانونية و العسكرية للاستفادة من فائض إنتاج عمل الفلاحين. الذين كان الواحد منهم ملزما بقضاء أكثر ساعات النهار في وضعية انحناء نحو الأرض التي غدت خلال العصر الوسيط مصدر الإنتاج الرئيسي ، بل مصدر حياة و وجود مجتمع بأكمله.
و الجدير بالذكر في هذا الصدد أن عملية إعادة تشكيل الخارطة السياسية في أوربا بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية واكبتها عملية إعادة تشكيل مماثلة » للخارطة الاقتصادية « التي لم تعد مشكلة من أنشطة واضحة المعالم : نشاط فلاجي في الأرياف و مبادلات تجارية و أنشطة حرفية و خدماتية في الحواضر. بل اختزلت كثيرا ، حتى أنها لم تعد تشمل سوى النشاط الزراعي. في حين اختفت المبادلات التجارية و الأنشطة الحرفية و مختلف الخدمات ،بما فيها الأنشطة الفكرية التي اشتهرت بها مدن الإمبراطورية الرومانية. و لم تعرف هذه الأنشطة الانتعاش إلا بعد مطلع القرن الحادي عشر. حين أفضت النهضة الزراعية التي شهدتها الأرياف إلى حدوث تحولات هائلة شملت جميع مناحي الحياة.
بدأت تلك النهضة تسجل تراجعا ارتسمت معالمه الأولى حوالي 1316- 1317 .و أصبحت واضحة منذ حوالي 1320 ايذانا بحدوث انقلاب في الظرفية، سرعان ما تحول إلى أزمة اقتصادية و ديموغرافية و اجتماعية و سياسية و عسكرية و فكرية استغرقت القرنين الرابع عشر و الخامس عشر.
و انطلاقا مما تقدم نخلص إلى القول بأن مجمل أحداث و ظواهر و تطورات العصر الوسيط، بما فيها ظاهرة الفيودالية ،التي سنتناول جوانبها بتفصيل ،حدثت في الأرياف التي مثلت إطارها الرئيسي؛ على الأقل حتى مطلع القرن الحادي عشر. حيث ستشرع المدن الناشئة في الانضمام إلى الأرياف كفضاء لأحداث و تطورات ما بعد سنة 1000. و لذلك نؤكد مند البدء بأن تاريخ العصر الوسيط في أوربا هو عموما تاريخ أرياف.
فمنذ القرن الثالث للميلاد شهدت الإمبراطورية الرومانية مشاكل متعددة المظاهر، ازدادت تفاقما حتى سنة 476 تاريخ سقوط روما. و كان من بين مظاهر تلك المشاكل تدهور المدن. و تواصل هذا التدهور خلال القرون اللاحقة حتى أن العديد منها اختفى تماما .و إن المدن القليلة التي استمرت في الوجود تقلصت مساحتها و تراجع عدد سكانها. و بالتالي، أصبحت الأرياف هي إطار جميع الأنشطة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية حتى مطلع القرن الحادي عشر.حيث شهدت حركة التمدين بداية انتعاش سيتواصل خلال القرون الموالية. فشرعت المدن بموازاة تلك الحركة في استعادة جانب من وظائفها و جانب من الهيمنة التي كانت تمارسها على الأرياف قبل القرن الثالث.
و يجب التنبيه، بأن عملية الاستعادة تلك كانت محدودة نسبيا، حيث إن المبادلات التجارية التي تعتبر من أبرز الوظائف التي تحتضنها المدن ظلت مرتبطة بما كانت تقدمه الأرياف من منتجات زراعية ستشهد تراجعا منذ سنتي 1316-1317. و سيتأكد هذا التراجع بعد سنة 1320 و على امتداد قرنين من الزمان.
كما أن التشكيلة الاجتماعية التي تمنح المدن هوية مجتمعية تتطابق و تسميتها كمدن لم تأخذ في التبلور إلا بعد مطلع القرن الرابع عشر. لأن البورجوازية، التي كان يفترض أن تكون الطبقة السائدة في تلك المدن، كما سيحدث بعد مطلع القرن السادس عشر، ظلت هجينة بعد عودة حركة التمدين إلى الانتعاش.

مما لا شك فيه أن الفقرات السابقة تسلط بعض الضوء على خصائص العصر الوسيط ، و تساعد على فهم السياق العام الذي " نشأت " فيه و تطورت فيه الفيودالية في معناها الضيق كروابط و التزامات ذلت صلة بالفيف ( le fief ) أو في معناها الواسع كنظام اقتصادي و اجتماعي.


2- دلالات مفهومي " الفيودالية " و " النظام الفيودالي "


تعتبر كلمة " فيودالية " تعريبا للمصطلح الفرنسي " Féodalité " الذي شرع في استعماله بفرنسا ابتداء من مطلع القرن السابع عشر؛ في وقت أخذت تستعمل فيه بباقي أقطار أوربا مصطلحات مرادفة كمصطلح "Feudalismo " الذي استعمله الايطاليون و اﻹ سبانيون و مصطلح " Feudalism" الذي استعمله الأنجليزيون و مصطلح " Feudalismus " الذي استعمله الألمانيون. و يندرج هذا التعدد و التنوع في سياق تعدد و تنوع اللغات الناشئة في أقطار أوربا. حيث أصبح سكان كل قطر يستعملون لغة خاصة بهم ابتداء من هذه الفترة.
و قد تم اشتقاق جميع المصطلحات السالف ذكرها من الكلمة اللاتينية فيوداليس" Feodalis " أو من كلمة " Feodum" التي أصبحت الكلمة الأكثر تداولا في النصوص ابتداء من مطلع القرن الحادي عشر ، و تعني الفيف " le fief ". و هو قطعة أرض كان شخص ( و قد يكون أيضا مؤسسة دينية ) يسمى " سنيورا " ( un seigneur ) يقدمها لشخص آخر. فيصبح المستفيد من قطعة الأرض تابعا للمانح و يسمى فصلا ( un vassal ). يلتزم بتقديم خدمات و التزامات معينة للسنيور. و تنشأ عن عملية تقديم الفيف و عن تلك الالتزامات روابط خاصة بين الطرفين.
و قد ظلت كلمة فيودوم " Feodum" تعني منذ هذا التاريخ و حتى مطلع القرن الثامن عشر الفيف و الالتزامات المترتبة على التابع المستفيد منه. و بعد مطلع القرن الثامن عشر أخذ مفكرو أقطار غرب أوربا يعطون للمصطلحات الحديثة المشتقة من كلمة فيودوم مضامين و دلالات متنوعة. و تجلى هذا التنوع بشكل أكبر في فرنسا عاصمة فكر الأنوار الذي ساد في أوربا خلال القرن الثامن عشر.
فقد ظل رجال القانون و المهتمون بتاريخ المؤسسات حريصين على استعمال مصطلح
" féodalité " بمعناه الضيق الأصلي، أي الفيف و ما يترتب عن الاستفادة منه من التزامات وروابط. أما أقطاب الفكرالسياسي، أمثال لويس مونتسكيو (Charles Louis Montesquieu ) ( 1689 - 1755) وهنري دي بولانفليي () ( Henri de Boulainvilliers 1658- 1722) الذين عاصروا مرحلة سيادة السلطة المركزية في كل من فرنسا و انجلترا، فقد استعملوه عند الحديث عن التجزئة السياسية التي شهدتها أوربا بعد القرن التاسع، و ما نشأ عنها من طرق و أساليب خاصة في تدبير السلطة؛ التي أصبح يمارسها أفراد الأرستقراطية. كل واحد منهم يمارسها في حدود رفعة ترابية ضيقة. في حين أعطى الفلاسفة و المنظرون، أمثال فرانسوا ماري أروية (François Marie Arouet ) المعروف بفولتير ( Voltaire) (1698-1778) للمصطلح دلالات أوسع. فاستعملوه بمعنى نسق من التطور (un processus d’évolution ). أو بمعنى نمط من أنماط الحياة ( un mode de vie) كانت تتبناه مجتمعات غرب أوربا خلال العصر الوسيط . و يمكن أن يتبناه أي مجتمع في أي مجال جغرافي . فالفيودالية من وجهة نظرهم ليست مجرد ظاهرة خاصة شهدتها مجتمعات أوريا في العصر الوسيط ،بل هي نسق من أنساق التطور أو نظام حياة حدث في العصر القديم . كما حدث في العصر الوسيط . و له امتدادات في العصر الحديث .
و على غرار الفلاسفة و المنظرين أعطى المفكرون الاقتصاديون ، و أبرزهم الانجليزي أدم سميث ( Adam Smith) (1723-1790)،لمصطلح فيودالية دلالات أوسع كذلك. فقد رأوا بأن الفيف الذي اشتق منه هو أولا و أخيرا عقار ( un bien-fonds) اكتسى أهمية بالغة بالنظر إلى سيادة النشاط الزراعي في العصر الوسيط .و قد شكل تبعا لذلك مصدر ثروة بالنسبة للسيد و التابع. ومن ثم، لا يمكن الحديث عنه و عن الالتزامات و الروابط المتصلة به بمعزل عن الحياة الاقتصادية. فانكبوا على دراسة بنية ذلك العقار و مكونات تلك الثروة و مجالات صرفها و ما إلى ذلك من قضايا ذات صلة بالأوضاع الاقتصادية التي شهدتها أقاليم غرب أوربا زمن سيادة الفيودالية.
و قد شكلت طروحات الفلاسفة و المنظرين و المفكرين الاقتصاديين نقطة انطلاق بالنسبة لماركس و انجلز و أتباعهما الذين ذهبوا بعيدا. فجعلوا من الفيودالية نمط إنتاج،أي نظاما سوسيو- اقتصاديا نشأ بعد نهاية النظام العبودي. و انتهى عندما بدأت تترسخ قواعد النظام الرأسمالي.أي أن النظام الفيودالي نشأ في أوربا عندما تراجع دور العبيد كقوى منتجة و لم تعد العلاقات الاجتماعية قائمة على العبودية. و بدأ في الانحلال عندما هيمنت المبادلات التجارية على الحياة الاقتصادية؛ و بدأت العلاقات الاجتماعية تأخذ منحى منسجما مع تطور قوى الإنتاج. و معنى ذلك أن فترة سيادة نمط الإنتاج الفيودالي حدث خلالها تطابق بين قوى الإنتاج التي بلغت مستوى معينا من التطور و العلاقات الاجتماعية التي حققت بدورها مستوى معينا من التطور.
و تبعا لانتشار الفكر الماركسي، فقد تبنى هذا الطرح العديد من المفكرين و الباحثين في أقطار أوربا و أمريكا و آسيا و إفريقيا. و أصبحوا يفضلون استعمال أحد المفهومين المركبين : " نمط الإنتاج الفيودالي" ( mode de production féodal ) أو " النظام الفيودالي " (système féodal) بدل مفهوم الفيودالية. لأن لهما دلالة شاملة تنطبق على جميع بنيات المجتمع السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والفكرية. و يمكن استعمالهما عند البحث في بنيات مجتمعات أخرى غير المجتمعات الأوربية. فيمكن حينئذ الحديث عن نمط إنتاج فيودالي في
اليابان أو في الصين أو في أحد أقطار إفريقيا.
و انطلاقا مما تقدم، يتضح بأن المضامين و الدلالات التي أعطاها مفكرو أوربا لمصطلح فيودالية و للمصطلحات المرادفة له مضامين و دلالات مختلفة. و قد تحول الاختلاف إلى تباين حينما لجأ ثلة من المفكرين إلى استعمال مصطلحات مركبة هي نمط الإنتاج الفيودالي ( le mode de production féodal ) أو النظام الفيودالي le système féodal ) ). بحيث لم يعد ممكنا إحداث تقارب بين وجهات النظر.لأن المصطلحات ارتقت إلى مستوى المفاهيم، نظرا لصبغتها الإجرائية و الوظيفية و نظرا لما يعكسه استعمالها من مواقف و رؤى و مناهج في البحث. و لازال هذا التباين حتى اليوم أحد سمات الإنتاج اﻹسطريوغرافي المتصل بالموضوع.
و إجمالا يمكن التمييز في عموم الباحثين و المفكرين بين فئتين: فئة تتبنى و تستعمل مفهوم الفيودالية ( أو أحد المفاهيم المرادفة له حسب لغة المفكر أو الباحث ). و تلخص مضمونه في كونه الفيف و الالتزامات المرتبطة به و العلاقات القائمة بين الذي يقدمه و الذي يستفيد منه. و فئة تتبنى و تستعمل مفهوم نمط الإنتاج الفيودالي أو النظام الفيودالي بمعنى نسق من التطور شهده مجتمع غرب أوربا خلال مرحلة معينة من تاريخه تطابقت فيها قوى إنتاج، وصلت مستوى معينا من التطور، مع علاقات اجتماعية منسجمة معها.
ورغم المناظرات والملتقيات التي سعت بعض الجهات التي نظمتها إلى تقريب وجهات نظر الفئتين ، فإن التباين أصبح قدرا محتوما. بل إن هذا التباين أخذ في فرنسا طابع الجدل الحاد الذي أفضى منذ مطلع القرن العشرين إلى ظهور وشيوع استعمال مفهوم جديد في أوساط المفكرين و الباحثين المشبعين بفكر ماركس و انجلز و هو مفهوم " الفيوداليسم " ( (Féodalismeالمرادف لمفهومي نمط الإنتاج الفيودالي والنظام الفيودالي. و قد تبنت هذا المفهوم الأوساط العلمية. و دخل قاموس اللغة الفرنسية الذي يتميز بكونه القاموس الأوربي الوحيد الذي يتضمن مفهومين هما : " Féodalité " و" Féodalisme ".
و الحقيقة أن هذه الإضافة لم تعمل على إثراء رصيد لغة الباحثين الفرنسيين بقدر ما جعلت الهوة الفاصلة بين الذين يستعملون هذا المفهوم أو ذاك أكثر عمقا. و يخطأ البعض حين يعتبرون هذه الازدواجية مجرد اختلاف في اللغة أو المفاهيم المستعملة. بل على العكس من ذلك تماما تعكس ، في اعتقادنا، اختلافا في الرؤى و المناهج المتبعة كما سيتبين ذلك من خلال العناصر التي سيتم تناولها في هذا البحث.


3- مصادر دراسة الفيودالية و النظام الفيودالي


تفاديا لأي فهم خاطئ قد يوحي به هذا العنوان، نوضح بأن دراسة الفيودالية و النظام الفيودالي لا تتم انطلاقا من مصادر جد خاصة، بل على العكس من ذلك تستوجب الإحاطة بمختلف جوانبهما العودة إلى قاعدة معلومات و معطيات متنوعة لاستقاء المادة التاريخية. تتمثل هذه القاعدة في المصادرالأركيولوجية و المصادر الخطية.

أولا : المصادر الأركيولوجية.
يفرض هذا النوع من المصادر حضوره لاعتبار أساسي هو أن الفيودالية هي في كنهها ظاهرة حربية.إذ أن الوقائع العسكرية تصدرت أحداث الحقبة التي سادت فيها. و بما أن عملية خوض الحروب أصبحت تشغل بال أفراد الأرستقراطية منذ انهيار الإمبراطورية الرومانية، ثم حدثت تحولات بعد مطلع القرن الحادي عشر جعلت الحروب تصبح من اهتماماتهم الرئيسية، فقد اقتضى الأمر بعد هذا التاريخ إقامة تحصينات؛ أبرزها القصور ( les châteaux) و القلاع ( les donjons ) و القصور المشيدة على تلال طبيعية أو اصطناعية ( les mottes castrales ). و قد أصبحت هذه المنشآت من أبرز معالم المشهد ألمآثري (paysage le monumental ) في أرياف أوربا. و غدت مراكز للقيادة وممارسة السلطة من قبل أفراد الأرستقراطية. و من ثم، فان البحث في ظاهرة الفيودالية و ما يتصل بها من مؤسسات اقتضى منذ عقود مضت القيام بعمليات مسح جوي و تنقيب ميداني لتحديد مواقع تلك المنشآت و الكشف عن بقايا ما اندرس منها. و قد أفضت مختلف العمليات التي بوشرت في مختلف أنحاء أوربا، و في فرنسا بوجه خاص، باعتبارها " مهد الفيودالية " كما يقال، إلى نتائج بالغة القيمة عززت رصيد قاعدة المعلومات و المعطيات التي كانت حتى بدايات القرن الماضي تستقى من النصوص في المقام الأول؛ الأمر الذي مكن من إعادة رسم خارطة الانتشار الجغرافي للفيودالية ، و من إعادة تحديد المجال الترابي الذي كانت تمارس فيه سلطة أفراد الأرستقراطية خلال فترة سيادة الفيودالية.
و قد تمت صياغة أهم نتائج عمليات الاستشعار الجوي (la détection aérienne ) و التنقيب الميداني في تقارير و عروض و دراسات أهمها على الإطلاق عروض و تقارير الملتقيات الدورية التي دأب على تنظيمها منذ سنة 1962 مركز الأبحاث الأركيولوجية القروسطوية le Centre de Recherches Archéologiques médiévales )) التابع لجامعة ( Caen ). و قد تم نشر سلسلة منها تتألف ( حتى حدود شهر يونيو 2009 ) من 23 مؤلفا تحت عنوان : Château Gaillard
و تأتي بعد هذه السلسلة أبحاث و دراسات لا تقل أهمية نورد عناوينها كما يلي :
1- AFFOLTER Eric ; PEGEOT Pierre ; VOISIN Jean-Claude, L’habitat médiéval fortifié dans le nord de la Franche-Comté : Vestiges de fortifications de terre et de maisons fortes, Montbéliard, Afram, 1986.
2- CHATEAU André, Châteaux forts et féodalité en Ile-de France du XIe au XIIIe siècle, Paris, Editions Créer, 1983.
2- COLLECTIF, Des châteaux et des sources. Archéologie et histoire dans la Normandie médiévale, Rouen, publications des Universités de Rouen et du Havre, 2008.
3- DEBORD André, Aristocratie et pouvoir, le rôle du château dans la France médiévale, Paris, Editions A. et J. Picard, 2000.
4- DURAND Philippe, Le château fort, Paris, Editions Jean-Paul Gisserot ,1999.
5- FIXOT Michel, Les fortifications de terre et les origines féodales dans le Cinglais, Caen, Centre de Recherches Archéologiques médiévales, 1968.
6- GONDOIN Stéphane-Wiliam, Les châteaux-forts, Paris, Chemine-
ments, 2005.
7- JALMIN Daniel, Archéologie aérienne en Ile-de France, Paris, Editions Technipp,1970.
8- LEFRANC Guy,Vestiges de mottes féodales en Flandre intérieure, Atlas archéologique No 1, Lille,Editions l’APAR ,1976.


ثانيا : المصادر الخطية.
تمثل المادة التاريخية التي تتضمنها المصادر الخطية الجانب الأكبر من قاعدة المعلومات و المعطيات الضرورية لدراسة الفيودالية و ما يتصل بها من مؤسسات، فضلا عن السياق التاريخي الذي نشأت و تطورت فيه. و يتألف هذا النوع من المصادر من مصنفات متنوعة و متفاوتة القيمة. يمكن أن نذكر من بينها كتب الإخباريات ( les Chroniques ) و كتب الحوليات ( les Annales) و الكتب التي تروي سير القديسين و القديسات و تتحدث عن كراماتهم ( les récits hagiographiques ) و نصوص الظهائر و المراسيم و القرارات الصادرة عن الملوك ( les Diplômes et les Edits royaux) و المتن الذي تكونه نصوص القوانين الجرمانية " الباربارية " ( les Lois Barbares) و وثائق العقود ( les Formulaires).
وعموما يمكن استعراض نماذج من أهم هذه المصنفات كما يلي :
أولا : كتب الإخباريات و الحوليات
أ ) الإخباريات
1- Abbon de Fleury (mort en 1040), Siège de Paris par les Normands, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires relatifs à l’histoire de France depuis la formation de la monarchie française jusqu’au 13e siècle, Paris, éd. J.L.J. Brière, vol. I, 1824.
2- Flodoard de Reims (mort en 966), Chronique, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires…
3- Hugues de Fleury (mort après 1122), Chronique, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires…
4- Raoul Glaber (mort en 1047), Chronique, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires…
5- Richer de Reims (mort en 998), Histoires, texte édité , traduit et annoté par Jean Guadet, Paris, éd. Jules Renouard, 1845, 2 vol.
ب) الحوليات
1- Anonyme, Annales de Saint- Bertin et de Metz, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires relatifs à l’histoire de France depuis la formation de la monarchie jusqu’au 13e siècle, Paris, éd. J.L.J. Brière, vol. I, 1824.
2- Annales de Saint- Bertin et de Saint-Vaast suivies de fragments d’une chronique inédite, éd. Abbé César Auguste Dehaisnes, Paris, éd. Jules
Renouard, 1871.
3- Eginhard (mort en 840), Annales des rois Pépin, Charlemagne et Louis-le Débonnaire, éd. et trad. François Guizot in Collection des mémoires…, vol. III, 1824.
ثانيا : سير القديسين و القديسات
1- Bernard d’Angers (mort vers 1050) et continuateurs, Les miracles de Sainte-Foy de Conques (morte en 303), éd., Auguste Bouillet, Paris, A. Picard, 1897.
2- Moine anonyme, Vie de Saint-Didier évéque de Cahors (630-655), éd. René Poupardin, Paris, A. Picard, 1900.
3- Saint Odon abbé de Cluny (mort en 942), Vie de Géraud d’Aurillac (mort en 909),
ثالثا : الظهائر و المراسيم الملكية
1- Eugène de Rozière, Recueil général des formules usitées dans l’Empire des Francs du Ve au Xe siècle, Paris, éd. Auguste Durand, 1859-1871, 3 vol.
2- Recueil des actes de Louis II le Bègue, Louis III et Carloman II rois des Francs (877-884), éd. Félix Grat, Jacques de Font-Reaulx, Georges Tessier et Robert-Henri Bautier, Paris, Imprimerie Nationale, 1978.
3- Recueil des actes de Robert I et Raoul rois de F rance (922-936), éd. Jean Dufour, Paris, Imprimerie Nationale, 1978.
4- Recueil des actes de Lothaire et de Louis V rois de France (954-987), éd. Louis Halphen et Ferdinand Lot, Paris, Imprimerie Nationale, 1908.
5- Recueil des actes de Philippe Ier roi de France (1059-1108), éd. Maurice Prou, Paris, Klincksieck, 1908.






القسم الأول


الفيودالية بمعنى الفيف و روابط الفصالة
يجمع جل الباحثين الغربيين، عامة و الفرنسيين بوجه خاص، بأن نشأة الفيودالية تعود إلى مطلع القرن الحادي عشر. و يربطون تلك النشأة بالتحولات السياسية التي بدأت تشهدها أقاليم غرب أوربا ابتداء من سنة 1000. و هي تحولات تمثلت في استفحال تدهور السلطات المركزية و نهاية الدور الذي كانت تقوم به المؤسسات العمومية في تدبير شأن القمطيات. مما أدى إلى حدوث فراغ سياسي و انعدام الأمن و الاستقرار.فوجد أفراد الأرستقراطية أنفسهم مضطرين إلى إيجاد صيغ جديدة للتآزر فيما بينهم. فظهرت من جراء ذلك الفيودالية – أي الروابط المتمحورة حول الفيف – كصيغة من صيغ التآزر المنشود. و قد شارك في تفعيلها جميع أفراد الأرستقراطية. بحيث أن كبار الملاكين العقاريين كانوا يقدمون قطع أرض لمتوسطي الملاكين، و هؤلاء كانوا يقدمون بدورهم قطع ارض للفرسان. و كانت هذه العملية تباشر وفق طقوس خاصة و في مراسيم احتفالية تتم فيها تسمية مانح قطعة الأرض سنيورا و المستفيد منها فصلا. يؤدي يمين الولاء للمانح و يتعهد بأداء خدمات والتزامات ذات صبغة عسكرية في المقام الأول. كانت تقتضيها الظرفية التي " نشأت " فيها الفيودالية. و إذ اتخذت تلك الروابط منحى عموديا، فقد اتخذت أيضا شكل علاقات أفقية. لأن الفصل كان بإمكانه أن يكون تابعا لأكثر من سنيور. و تفاديا لأي انزلاقات أو مشاكل قد تترتب عن تعدد علاقات الفصل الواحد ،فقد تم إيجاد ضوابط ملزمة، هي جزء من الروابط التي كانت تنظم الروابط بين كل سنيور و الفصل التابع له كما سنرى لاحقا. و لهذا الاعتبار و لغيره اتخذت الفيودالية طابع نظام متكامل ( un régime).
و من هذا المنطلق يحق للمرء أن يتساءل كيف وصلت الفيودالية إلى هذا المستوى الأعلى من التطور و الاكتمال خلال هذه الفترة التاريخية، أي فترة ما بعد سنة 1000؟ ألم تسبقها أشكال و صيغ من الروابط هيأت لها إمكانية التطور؟ خاصة إذا علمنا بأن الفرد الأوربي ،سواء كان ينتمي لعامة المجتمع أو لخاصته، لم يكن يعيش منعزلا عن الأفراد الآخرين المنتمين لفئته أو لطبقته أو لطائفته .كما لم يكن منعزلا عن الأفراد المنتمين لغير فئته. و لا يختلف اثنان في القول بأن أفراد الأرستقراطية ، الذين يهمنا أمرهم في هذا المقام، كانت تربط بينهم منذ عهود قديمة روابط اقتضتها المصالح المشتركة.
و نحن إذ نطرح هذه التساؤلات و نقدم هذه المعطيات ،فللتذكير بأن عددا من المؤرخين، وخاصة منهم الفرنسيون ،الذين سيأتي ذكر أسماء بعضهم لاحقا، ينكرون أن تكون الفيودالية – أي الروابط الفيودو – فصلية - امتدادا للروابط التي كانت قائمة بين أفراد الأرستقراطية قبل سنة 1000، أو شكلا متطورا لتلك الروابط . و دعواهم في ذلك هو أن الفيف بوصفه حجر الزاوية في تلك الروابط لم يظهر و لم يصبح محور الفيودالية إلا ابتداءا من مطلع القرن الحادي عشر. كما أن كلمة فيودوم نفسها التي اشتق منها مصطلح فيودالية لم يبدأ تداولها في النصوص إلا بعد سنة 1000.
و خلافا لهذا الاعتقاد، سنحاول في هذا القسم تأكيد فكرة مفادها أن الفيودالية تضرب بجذور عميقة في تاريخ غرب أوربا تعود على الأقل إلى القرن الثالث للميلاد. و قد تطورت لتصل إلى مرحلة النضج ابتداء من مطلع القرن الحادي عشر. و نميز في مسيرة الفيودالية الطويلة التي امتدت من القرن الثالث حتى نهاية العصر الوسيط بين ثلاثة مراحل كبرى : أولاها مرحلة علاقات الرفاقة ( le Compagnonnage ) التي كان يقيمها أفراد الأرستقراطية الجرمانية مع مجموعة شباب. كانوا يتخذونهم رفقاء و حراسا لهم في نفس الوقت. و تمثل هذه العلاقات في اعتقادنا أصول الفيودالية. و ثانيها مرحلة علاقات الفصالة (le vasselage ) التي أصبح يقيمها أفراد الأرستقراطية في الممالك التي تأسست بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية. و كانت هذه العلاقات قائمة بينهم و بين مجموعة أتباع ( محاربين في المقام الأول ). قامت في بادئ الأمر على عطاء غير الأرض يسمى بنفسيوم ( beneficium )؛ ثم أصبحت الأرض أساس هذه العلاقات منذ منتصف القرن التاسع. و قد استغرقت الفترة الزمنية الممتدة من القرن السادس حتى نهاية القرن العاشر.أما المرحلة الثالثة، فهي مرحلة نضج الفيودالية. و خلالها أصبحت علاقات الفصالة التي سادت خلال المرحلة السابقة قائمة على الفيف. و لذلك نسمي العلاقات التي سادت خلال المرحلة الثالثة باسم الروابط الفيودو- فصلية تميزا لها عن علاقات الفصالة.



الفصل الأول : أصول الفيودالية : علاقات الرفاقة عند الجرمان



لا يمكن البحث في جوانب تاريخ أوربا خلال العصر الوسيط دون استحضار الجرمان، باعتبارهم إحدى أبرز القوى التي أثرت بشكل فعال في مجربات أحداث هذه الحقبة التاريخية. و أثروا تبعا لذلك في نظم و حضارة الحقبة المذكورة. و يكفي أن نذكر مجددا بأنهم هم الذين أجهزوا على الإمبراطورية الرومانية سنة 476. فساهموا بذلك في إعادة تشكيل خارطة أوربا السياسية. و تجاوز فعلهم حدود البنيات السياسية ليشمل البنيات الاقتصادية و الاجتماعية و عناصر السكان. و لا زالت مظاهر تأثيرهم في تاريخ و حضارة غرب أوربا سارية المفعول إلى يومنا هذا. بل تجاوز تأثيرهم حدود القارة الأوربية ليشمل مناطق من إفريقيا بعد أن نجحت مجموعة قبلية من الجرمان، متمثلة في الو ندال، من إقامة مملكة ببعض أقاليم شمال إفريقيا.
و قد بات من المعروف اليوم بأن الشعوب الجرمانية تنحدر من أصول هندو- أوربية. كانت تقيم في المناطق المحيطة ببحر البلطيق ؛ و بالتحديد في الأقاليم التي تتشكل منها اليوم كل من السويد و الدانمارك و النرويج و الأقاليم المجاورة لها. و امتد مجال تواجدها في اتجاه بحر الشمال و مصبي كل من نهر الألب و نهر الويزر.ثم شرعت بعد سنة 900 قبل ميلاد المسيح في القيام بحركة نزوح نحو الجنوب حتى أصبحت مستقرة حوالي القرن الثالث للميلاد في الأقاليم الواقعة شمال جبال الألب و نهر الدانوب و شرق نهر الراين.
يعد مصنفا سايوس يوليوس قيصر( Caius Julius Caesar) (100 ق.م. – 44 ق.م. ) و بوبليوس كورنيليوس تاسيتوس (Publius Cornelius Tacitus ) ( 55 ق.م. – 120 م. ) أهم المصادر الخطية التي يعتمدها الباحثون في استقاء معلومات عن نمط حياة و تنظيمات الشعوب الجرمانية. فقد كان الأول قائدا عسكريا مارس السلطة و استكمل مشوار حياته المهنية كمدون للأحداث. خاض سلسلة حروب بين سنتي 58 ق.م. و 51 ق.م. لإخضاع غاليا (Gallia ) أو غالة ( la Gaule ). فوجد نفسه وجها لوجه أمام الجرمان الذين كانوا يشنون غارات على غاليا بين الفينة و الأخرى. فخاض ضدهم عدة وقائع. اضطر في إحداها إلى عبور نهر الراين لاستئصال شأفتهم في مواطنهم. و قد دون مذكراته عن تلك الحروب في مؤلف نشره سنة 51 ق.م. يتضمن مادة طيبة عن السلتيين ( les Celtes ) أو الغاليين، سكان غاليا. كما يتضمن معلومات قيمة – و إن كانت ضئيلة – عن تنظيمات الجرمان العسكرية. بينما كان الثاني مؤرخا محترفا تجول في بعض مواطن القبائل الجرمانية. و دون هو الآخر مشاهداته في مؤلف نشره سنة 98 م. يحفل بمعلومات غزيرة حولها تعد تكملة لما ورد في مذكرات يوليوس قيصر.
يتضح من المؤلفين بأن الشعوب الجرمانية كانت تتألف من عدة قبائل. يمكن التميز فيها بين ثلاث مجموعات كبرى تبعا لمجال استقرارها و هي : الجرمان الغربيون ، و يتألفون من قبائل الألمان والسويڨ و الماركومان و الفرنجة. و الجرمان الشرقيون ، و يتألفون من قبائل الو ندال و القوط و البورغنديين و اللا نڭوبارديين. و أخيرا الجرمان الشماليون، و يتألفون من جرمان جبال الألب و جرمان أقاليم بحر الشمال و جرمان العالم الاسكندناڨي.
كانت كل قبيلة، من مجموع القبائل، تتكون بدورها من مجموعة عشائر تمثل فيها العائلة ( بالمعنى الواسع للكلمة ) الخلية الأساسية. و قد كانت تعيش على الزراعة و تربية المواشي و القنص و الصيد و الحرب التي كانت من أبرز اهتمامات أفرادها من الذكور . فقد كان محاربو إحدى القبائل يشنون غارات على بعض المراكز الواقعة على الحدود مع الإمبراطورية الرومانية. وأحيانا كان مجموعة محاربين من إحدى القبائل يشنون غارات على قبيلة أخرى. فتقع بين أيديهم غنائم، وعدد من الأسرى يبيعونهم كعبيد في الأسواق الرومانية الواقعة بمحاذاة نهري الراين و الدانوب. و يحصلون على نقود يصرفونها في شراء سلع ترفيهية و مواد استهلاكية من تلك الأسواق.
و كان من الطبيعي أن تتزايد حاجياتهم باستمرار.فترتبت عن ذلك زيادة في غارات القبائل على بعضها البعض و ارتفاع في حدة الضغط الذي كانت تمارسه بعض تلك القبائل على أطراف الإمبراطورية الرومانية. فدفع هذا الضغط الأباطرة و كبار الموظفين الرومان إلى اللجوء إلى سياسة تقديم الهدايا العينية و النقدية لرؤساء تلك القبائل و أعيانها و كبار محاربيها بهدف استقطابهم و صرفهم عن شن غارات على الأقاليم الحدودية. و بذلك أخذت تتراكم في حوزة هؤلاء الرؤساء و الأعيان و كبار المحاربين ثروات عينية ونقدية. أضافوها إلى ما كانوا يحصلون عليه من هدايا و أعطيات من لدن اسر القبائل التي كانوا ينتمون إليها بحكم مكانتهم السياسية و الاجتماعية أو العسكرية. بوصف بعضهم رؤساء قبائل، و البعض الآخر أعضاء في مجالس القدماء ( أو الشيوخ )( les conseils des anciens) أو محاربون كبار. فأصبحوا متميزين عن باقي أفراد القبائل التي ينتمون إليها. و شكلوا طبقة أرستقراطية وراثية. كما كونوا مجلسا دائما ( un conseil permanent ) أصبح يمارس السلطة في القبيلة. و استطاع بعض أعضاء هذا المجلس الارتقاء إلى مصاف الملوك. نعرف من بينهم اليوم أسماء أولائك الذين قادوا الجرمان إلى اقتحام أقاليم غرب أوربا و شمال إفريقيا أمثال شلدريك الأول ( Childéric ) ملك الفرنجة و ألريك ( Alaric ) ملك القوط الغربيين و جنسريك ( Genséric ) ملك الو ندال.
و كان من تبعات تنامي ثروة أفراد الطبقة الأرستقراطية و تميزهم عن سائر الأفراد، أن لجأ عدد منهم الر استقطاب مجموعات من الشباب أصبحوا يشكلون حاشياتهم. فكانوا يحضرون اجتماعاتهم و مجالسهم. واتخذوهم في نفس الوقت حرسا خاصا لهم. يسهرون على حمايتهم و حماية ممتلكاتهم و مرافقتهم في تنقلاتهم. و قد كان كل ارستقراطي يحرص على انتقاء الشباب المكونين لحاشيته و حرسه. فيشترط أن تكون سمعة الواحد منهم طيبة. و أن يكون على دراية بفنون الحرب و القتال.
و قد تحدث تاسيتوس عن هذه المجموعات من الشباب باسم" الرفقاء "( les compagnons ) قائلا في نص تقتضي الضرورة إثباته رغم طوله :"(...) إن إحدى سمات النبالة هي أن يحضى بعض الأفراد برضى بعض الرؤساء.وهي رغبة بعض الأفراد من الشباب أيضا. إذ يسعون إلى الانضمام إلى بعض الأقوياء. و قد كان يتم التعبيرعن هذه الرغبة منذ قديم. و إن الفرد لا يخجل حين يجد نفسه من بين الرفقاء(...) بل إن الرفقاء يتنافسون ليكون الواحد منهم أكثر قربا من الرئيس. كما يتنافس الرؤساء ليكون للواحد منهم أكبر عدد من الرفقاء. انه المجد، إنها القوة أن يكون الواحد محاطا دائما بمجموعة كبيرة من أفراد شباب يمثلون الصفوة. فهم زينة أوقات السلم و حرس أوقات الحرب(...)إن الحرص عليهم شديد، ومن أجله تقدم لهم الأعطيات. وغالبا ما يكفي اسمهم لتحديد نتيجة الحروب..." . و يقول في موضع آخر "(...)إن الرؤساء يحاربون من أجل النصر، أما الرفقاء فيحاربون من أجل رئيسهم". و ينتصرون له ظالما أو مظلوما.
و مما لا شك فيه، أن النصوص التي يتضمنها مصنف تاسيتوس تأكد المنحى الحربي "العسكري" الذي أخذته علاقات الرفاقة بين الشباب المحاربين و الملوك و أعيان و رؤساء القبائل. و ينسجم هذا التطور، فيما يبدو، مع طبائع القبائل الجرمانية المعروفة بميلها إلى الحرب و القتال منذ أزمنة غابرة كما يوضح ذلك يوليوس قيصر في مذكراته . و استمرت كذلك زمن تاسيتوس؛ الذي يذكر بأن الواحد من أفراد تلك القبائل لم يكن يباشر أمرا خاصا أو عاما إلا وهو يحمل سلاحه . ومهما يكن من أمر،فإن تاسيتوس الذي خص مسألة الرفاقة بحديث مسهب في مصنفه لا يفصح عما إذا كانت تقدم للرفقاء الشباب قطع أرض أم لا؟ و الأكيد أن كل أرستقراطي كان يسهر على إيواء أفراد المجموعة التابعة له. و يقوم بتلبية حاجياتهم من ملبس و مأكل و مشرب. و يقدم لكل واحد منهم فرسا وقطع السلاح التي تتطلبها مهامه كمحارب.بالإضافة إلى بعض الهدايا و التحف أو أعداد من العبيد الذين يتم الحصول عليهم بعد كل غارة محلية على إحدى القبائل أوغارة على أحد المواقع الرومانية.و من هذا المنطلق نعتقد أنهم لم يكونوا يستلمون قطعا أرضية. لأنهم لم يكونوا في حاجة إلى مصدر عيش ،و لأن مهامهم كانت تقتضي بأن يظلوا بالقرب من سيدهم.
و يبدو أن هذه الروابط التي تعود إلى ما قبل القرن الثالث استمرت في الوجود و التطور خلال القرنين الرابع و الخامس رغم أنه من الصعب تتبع مسارها خلال هذه الفترة نظرا للغموض و الاضطراب الذي ميزها. فقد تردت الأوضاع في الإمبراطورية الرومانية بسبب الفوضى السياسية والعسكرية والمصاعب الاقتصادية و الاضطرابات الاجتماعية. و زادت من تفاقم تلك الأوضاع عمليات الغزو الجماعي الذي قامت به القبائل الجرمانية.و من المعطيات الدالة على استمرارها و تطورها هو أن بعض الكلمات التي تؤلف اليوم ما يسمى بقاموس الفصالة، مثل كلمة ڤاسو ( vasso ) و كلمة ڤاسوس ( vassus )، كانت مستعملة في اللغة اللاتينية المتداولة من قبل العامة قبل القرن السادس. وستدخل ضمن لغة المتن الذي تتألف منه القوانين " الباربارية " ( les lois barbares ) التي أصبحت تنظم المعاملات في الممالك الجرمانية بعد القرن السادس،و خاصة المجموعة المعروفة بالقانون الساليla loi Salique ) ) و المجموعة المعروفة بالقانون الضفي (la loi Ripuaire ) . ففي هذه القوانين أصبحت كل من كلمة ڤاسو و كلمة ڤاسوس تطلق على العبيد وكذلك على مجموع الأفراد المرتبطين عن طريق الولاء بأفراد آخرين ، أي أتباع. و يتضح من خلال القوانين المذكورة بأن هؤلاء الأتباع كانوا أفرادا متواضعين من الناحية الاجتماعية، و لكنهم كانوا،خلافا للعبيد، أحرارا من حيث الوضع القانوني. بدليل أن القانونان السالي و الضفي يوضحان بأنهم كانوا يحضرون الاجتماعات العمومية ( les plaids ). و من المعلوم أن حضور الاجتماعات خلال فترة سيادة الممالك الجرمانية الناشئة في أقاليم غرب أوربا، كان مقتصرا على الأفراد الأحرار،كيفما كان موقعهم في علاقة التبعية.

تسمح المعطيات التي أوردناها بتأكيد وجود روابط تبعية قبل القرن الثالث للميلاد. نشأت في أطراف أقاليم غرب أوربا. ثم انتقلت في مرحلة لاحقة، أي بعد سنة 476 ، إلى قلبها. فهل معنى ذلك أن الفيودالية ذات أصول جرمانية؟ هذا ما نميل إليه رغم أن قلة من الباحثين هم وحدهم الذين أثاروا هذه المسألة. ومن بينهم الفرنسي فرنسوا ﯕيزو ( Francois Guizot ) الذي يؤكد في كتاب صدر له سنة 1830 بأنه ليس من المعقول أن تصل الفيودالية إلى مرحلة الاكتمال دون أن تكون لها مقدمات . و إذ تفادى جعل تلك المقدمات ذات أصول جرمانية أو رومانية، فقد دعا إلى رصدها من خلال البحث في ثلاثة عناصر. أولاها طبيعة الملكية الترابية و ثانيها انصهار السيادة مع ملكية الأرض و ثالثها منظومة المؤسسات التشريعية و القانونية و العسكرية . أما الأنجليزي سير فرنسيس بالغريب ( Francis Palgrave ) فقد كان أكثر وضوحا حين ذهب إلى التأكيد بأن بعض عناصر الفيودالية ذات أصول جرمانية. حملها الجرمان معهم من أدغال جرمانيا. ومن بين تلك العناصر الولاء ( l’hommage ) الذي يتم التعبير عنه عمليا بانحناء شخص أمام شخص آخر و وقوفه على الركبتين و قولا بترديده لعبارة " أريد أن أصبح رجلك " . أما قطب المدرسة التاريخية الفرنسية المعاصرة مارك بلوك فقد نعت مسألة الأصول بكونها " معضلة " يصعب الحسم فيها. و اكتفى في موضوعها ببضعة أسطر. أبان فيها عن ميله إلى اعتبار أصول الفيودالية جرمانية- رومانية في نفس الوقت. امتزجت مع مرور الزمن. و على غراره ذهب روبير بوتريش ( Robert Boutruche ) إلى القول بثنائية الأصول حيت أكد بأن " الفصالة " نشأت من جراء قيام أفراد الأرستقراطية في مختلف الممالك الجرمانية الناشئة بإحياء علاقات الرفاقة ( الجرمانية( وعلاقات الإذعان و التضرع ( la recommandation ) التي كانت منتشرة في ربوع الإمبراطورية الرومانية خلال المرحلة المتأخرة من عمرها .
و تعقيبا على ما ذهب إليه بوتريش، نوضح بأن علاقات الإذعان و التضرع قامت بين بعض الأفراد الأثرياء من الأرستقراطية الرومانية و كبار الموظفين. و أخذت طابع الزبونية و تبادل المصالح. بينما كان أفراد آخرين من متوسطي الحال أو من الفقراء يضعون أنفسهم رهن إشارة أولائك الأثرياء و كبار الموظفين لخدمتهم و الانخراط في زمرتهم نظير الحصول منهم على ما يسد رمقهم. و لكنها لم تأخذ في كل الأحوال ذلك المنحى الحربي الذي أخذته علاقات الرفاقة. لأن الإمبراطورية الرومانية، حتى تاريخ سقوطها، ظلت " دولة مؤسسات " كانت فيها أمور حفظ الأمن الداخلي و خوض الحروب موكولة لمؤسسات وأجهزة رسمية، أبرزها الجيش النظامي. و بالتالي، فان أفراد الأرستقراطية الرومانية لم يكونوا في حاجة إلى تكوين " مليشيات عسكرية " مسخرة لحمايتهم. و لكن لا بأس من التنبيه في هذا المقام بأن العادة جرت في جميع ولايات الإمبراطورية بأن يحيط كل واحد من أفراد الأرستقراطية نفسه بحاشية من الأتباع و الأصدقاء و "الزبائن" و من ضمنهم بعض أفراد الحرس الخاص.و لا شك أن هذا الإجراء الأخير أخذ في الاستشراء بموازاة تفاقم الأوضاع الأمنية خلال المراحل المتأخرة من عمر الإمبراطورية.
و مهما يكن من أمر،فان روابط التبعية لم تكن قائمة على الفيف خلال هذه المرحلة الأولى من مسيرة الفيودالية حسب الإفادات التي تقدمها النصوص المتوفرة. كما أن تلك الروابط كانت تتم في نطاق محدود نسبيا، على اعتبارأن المعنيين بها كانوا نفرا من علية القوم و مجموعة شباب يسعون لتحسين أوضاعهم الاجتماعية. ويطمحون لتحقيق المجد من خلال استغلال شجاعتهم و مقدراتهم القتالية.
و لكن يجب التذكير في هذا المقام بمقولة " أول الغيث قطرة ". فهذه الروابط كانت في بداياتها. و بما أن حالة عدم استقرار الأوضاع الأمنية استمرت بعد سنة 476 على امتداد عدة قرون، فقد استدعى الأمر من أفراد الأرستقراطية البحث المتواصل عن سند حرصا على ذواتهم و على ممتلكاتهم. و كان من تبعات ذلك أن اتسع نطاق تلك الروابط كما سنرى لاحقا. و لا بأس من التذكير بأن علاقات التضرع و الإذعان استمرت هي الأخرى في خط موازي مع علاقات الرفاقة. فالأوضاع السياسية المتردية و الظرفية الاقتصادية الصعبة ظلت تدعو الأغنياء إلى البحث عن سند و الفقراء إلى البحث عمن يحميهم و يلبي حاجياتهم .

يتبع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (مقدمة، مدخل، الفصل1 من القسم1)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (بقية الفصل الثالث)
» الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (الفصل الثاني من القسم الأول)
» الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا (الفصل الثالث من القسم الأول)
» الإصلاح الديني في أوربا (أسبابه .. تفجره .. نتائجه)، 1- مقدمة عن عناصر الموضوع
» مقدمة عن شوارب الملوك والعامة في مصر القديمة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
المقتطف المصري ملتقى شباب المؤرخين العرب :: منتديات التاريخ الإسلامي والوسيط :: منتدى التاريخ البيزنطي-
انتقل الى: