المعبود سوبك في مدينة منف القديمة - عرض شامل ملخص لدراستين سابقتين

المعبـود سـوبـك في منـف

يذكر ’هرمان كيس‘ أن عبادة التمساح وجدت في منف منذ العصر المبكر العتيق.
وقد سجَّلَ الباحث باسم سمير الشرقاوي في دراسات سابقة أن المعبود-التمساح ’سـوبك‘ قد ظهر اسمه في منف منذ العصر المبكر (الأسرات الأولى إلى الثالثة) إذ دخل في تركيب اسم أحد الأفراد ’حم-سوبك‘ على قطعة حجرية من الديوريت؟
JE. 88397
عُثِرَ عليه عند الهرم المدرج للملك ’نثر-إر-خت‘ (ﭽسر) بسقارة ، وقد حوت نصوص أهرام الملك ’ونيس‘ في أواخر الأسرة الخامسة اسم هذا المعبود
(Unas Pyr. 565).

كما وُجِـدَ اسم ’سوبك‘ ضمن النصوص الدينية لمعابد منـف -على أقل تقدير حتى الآن- منذ عهد ’سنوسرت الأول‘ (الأسرة الثانية عشر) حيث ورد على جُزء (لوحة هبة) من جدران المعبد الذي شيّده هذا الملك لـبتاح في منف وقد عَثَرَ عليه ’بتري‘ في موسم حفائره 1908/1909 م، ويُرجح الباحث أن لقبه عليه هو ’سوك نب ر-آ[و]‘ أي ’سوبك رب (منطقة) طُـ[ره]‘. وإذا صدقت هذه الفرضية فإنه في ذلك يتطابق مع اللقب الذي حمله على لوحة ’أمنمحات الثاني‘ المنحوتة من الجرانيت الوردي والكائنة بمعبد بتاح لرعمسيس الثاني في كوم الفخري والوارد في السطر س+29.

كما عُثِرَ في ’ميت رهينة‘ -من موقع غير مُحدد- على ختم أسطواني من حجر
stéatite
صغير للملك ’سنوسرت الثالث‘ (1881-1840 ق.م) (ضمن مجموعة ميخائيليدس وكان قبل ذلك ضمن مجموعة بلانشارد، ورد عليه اسم المعبود "سوبك" حاملاً لقب ’نب را-حوي‘ ومعناه ’سيد فم حوي‘ وهو على الأرجح موقعاً قريباً من ’راكوتيس‘.

وكذلك من عصر الدولة الوسطى (الأسرة الثانية عشرة تحديداً) يحتفظ متحف ميت رهينة بمائدة من الجرانيت الأشهب للمشرف على حظيرة الوعول ’إمني-سنب‘ ابن السيدة ’إت‘ معنونة صيغتي القرابين فيها باسم المعبود ’سوبك الشبكي/الحرشفي‘، على الأرجح أنها قدمت إما من معبد ’سوبك‘ الواقع داخل النطاق المقدس لمعابد ﭙتاح في منف والمسمى ’حوت-كا-ﭙتاح‘ كما تُشير بردية سالييه الرابعة، أو أنها إحدى موائد القرابين التي أمدتنا بها مقابر جبانة أفراد عصر الانتقال الأول-الدولة الوسطى بجبانة ’كوم الفخري‘ بقرية ’ميت رهينة‘ (منف)، هذا مع العلم أن ’محمد عبد التواب الحته‘ قد سجّل أن حفائره هناك والتي أجراها عام (1954 م) لم تمده سوى بستة عشر مائدة قرابين منحوتة من الحجر الجيري .
وقد عُبِـدَ ’سوبك‘ في منف بشكل جليّ منذ الدولة الحديثة حيث صُوِّرَ ’سوبك‘ على لوحات محاجر ’طره‘ -التي تُمثّل حي منف الشرقي- منذ عهد الملك ’إمنحتـﭖ الثاني‘ (الأسرة الثامنة عشر)؛ إذ احتل الموقع الثالث (وإن كان اسمه فيها مهشم) بين أرباب الصف العلوي من اللوحة رقم 2 أمام الملك الذي يقوم بتطهير وتبخير القرابين، والأهم من ذلك أنه قد ورد في لوحة رقم 7 بمحاجر ’المعصرة‘ (جنوب ’طره‘) -وهي غير مؤرّخة- وذلك باعتباره ’سـوبك سـيد (رب) ر-آو‘ (طره) وذلك مُباشرةً قبل اسم الربة ’إيزة‘ ذاتها وقد حملت عليها لقب ’سيدة شجرة الجميز‘ .

وقد ورد اسم المعبود ’سوبك‘ صراحةً تحت [رقم 28] ضمن قائمة أسماء أرباب منف في مقصورة ’سوكر‘ (قاعة يو بخريطة مارييت) بمعبد الملك ’سيتي الأول‘ (الأسرة التاسعة عشر) في أبيدوس (مركز البلينا، محافظة سوهاج)، بينما ورد باعتباره المعبود ’حور حر رمن.ف‘ ومعناه ’حور الكائن على حامله‘ تحت رقم 43 بنفس القائمة أو ’حري-رمنوي.ف‘ أي ’الذي فـوق حامليـه‘ وكان له شكل حيواني ورأس تمساح . ويرى ’جاب الله على جاب الله‘ أن هذا يعني أنه ’كان في منـف معبود محلي بشكل تمساح‘، كما يرى في طبيعة علاقة التمساح بالمعبود ’أوزير‘ عندما غطى أجزاء من جسده وقتما كان غارقاً في الماء ما يُفسر وجود مثل هذه المعبودات التمساحية للمشاركة في ’عيـد سـوكر‘ بمنـف بعد الاندماج الذي تم هناك بين ’أوزير‘ و’سوكر‘ .

كما تشير نصوص برديتا سالييه الرابعة
(pap. Brit. Mus. 10184 verso, 1, 5. 9; 2, 1-2)
من عهد ’رعمسيس الثاني‘ (ابن سيتي الأول)
و’هاريس الكبرى‘
(pap. Brit. Mus. 9999, 47, 1; 48, 9-10; 49, 6-7)
من عهد ’رعمسيس الثالث‘ (الأسرة العشرين)
إلى عبادته في منف ووقوع معبده في أحد أحياء منف حيث حمل هذا الحي أيضاً اسم ذلك المعبد ألا وهو ’إنب سبك‘ أي جدار سوبك.

كما صُوِّرَ ’سـوبك‘ على لوحة من عصر الدولة الحديثة
(Fragment M-2673)
عثر عليها بقرية ميت رهينة في حفائر متحف جامعة بنسلفانيا بفيلادلفيا (Philadelphia, University Museum) إبان مواسم أعوام 1915-1923 م .

وقد استمرت عبادة ’سوبك‘ بمنف على أقل تقدير حتى أواخر العصر البطلمي ، إذ تُشير بردية بالمكتبة الوطنية في ستراسبورج من القرن الأول قبل الميلاد -والتي تحوي ترنيمـة له- إلى اندماج المعبود-التمساح ’سـوبك-رع‘ بمعبود منف الأشهر ’بتـاح-تاتـنن‘ فقد شُبِّهَ فيها بأنه هو ’المعبود تـاتـنـن في معبـد حـوت-كـا-بتـاح‘ بمنـف.
وقد خلص الباحث من الأدلة السابقة وغيرها إلى إثبات أن ’سوبك‘ قد عُبِدَ في أكثر من موضع بمدينة منف وبجبانتها، وذلك منذ بواكير الأسرة الثانية عشرة (عهد سنوسرت الأول) وحتى أواخر العصر البطلمي (القرن الأول ق.م) - إن لم تكن عبادته قد استمرت بعد ذلك